الفنانة التشكيلية جمانة الحسيني
نشر بتاريخ: 2023-10-05 الساعة: 11:38اعلام فتح / الفنانة التشكيلية الفلسطينية "جمانة جمال الحسيني" من مواليد مدينة القدس عام 1932، درست فنون التصوير الملون بالجامعة الأمريكية في بيروت مُتخرجة منها عام 1957، تُعد علامة فلسطينية تشكيلية نسويه بارزة، ومنتجة مميزة في ميادين اللوحة الفلسطينية التصويرية التعبيرية، المعشبة بمساحة الرؤى التجريدية، والمحكومة بحسبة شكلية ميزانها البساطة والتبسيط والتحوير الشكلي، لمفردات مُستعارة من بيتها العتيق في مدينتها الخالدة "القدس" القديمة، موصولة بمحسوس الرموز الإنسانية الموصوفة، والمسكونة برهافة الوصف وشفافية اللون وفسحة التوزيع للكتل الشكلية المدرجة في عموم نصوصها، ما زالت تسبح في واحة طفولتها، وما تحمله من تراكم صور وذكريات، حافلة بقصص وحكايات الفتيات اللاهيات في مدائن التجلي الخيالي، وألعاب العروس والعريس.
مسكونة لوحاتها بذاكرة واسعة الطيف الشكلي، والمسحة الجمالية والتعبيرية المتجاوزة لواقعية اللقطة التصويرية المدرسية، وسارحة في مجون القصيدة الشعرية ذات المحتوى الشعبي، ومعنية بإبراز ملامح مبسطة باللون المتجانس، كدلالة وصفية مقصودة على براءة الأطفال المشدودين إلى مساحة أحلام اليقظة، والباحثة عن حكاية هنا وأقصوصة هناك، تلامس جواهر الحالة النفسية للفنانة، والعاكسة لروحية الطفولة ورهافة الحس التعبيري، والعفوية المقصودة في صياغة بيانها البصري المحمول بالتراث الشعبي وبتجليات البساطة الشكلية، وإشارات خصوصيتها التقنية في رصف المعاني واختيار تفاصيل النصوص البصرية.
لوحاتها التصويرية المعمارية والإنسانية، تغدو لعين المتلقي بأنها وليمة بصرية خارجة للتو من مختبر الذاكرة الحافظة، ومندرجة في توليفات المساحات الشكلية المحمولة بالزخرفة الهندسية والنباتية والحيوانية المتآلفة، والمتعانقة بشكل ما أو بآخر مع أحاديث الأهل وحكايات الأهل والجدود ، لاسيما العصافير المحلقة في فضاء اللوحات المرسومة، والمتجاوزة لسرد شكلي مستعار من أخيلة فيها ملامح الأمل ومعابر الحرية، بديلاً رمزياً لواقع فلسطيني مأزوم، وتدوين لمرئيات بصرية عابرة في لحظة فرح أو عبث لحظي.
الأمكنة وذاكرة المكان البصري الفلسطيني، المنثورة أريجاً لونياً براقاً في ظلال مسقط رأسها مدينة القدس القديمة، كدلالة طبيعية عن مواطنة عربية فلسطينية متسعة لجميع الأطياف الأسرية الطبقية والدينية، والتي كانت مجال اشتغالها الفني، ومسرحاً لتجاربها التقنية، وتعبيراً عن ذات الفنانة الشخصية وطريقتها في التعبير الذاتي عما يشغلها، ويجعلها تلعب دورها المرسوم في سجل القضية الفلسطينية النضالي، عن طريق بوابة الفن التشكيلي واللوحة التصويرية الملونة، المحملة بالرمز والدلالة والفكرة والمعالجة التقنية لأسلوب وخصوصية مميزة لفنانة مميزة أيضاً.
مدينة القدس القديمة في بيوتها ومعالمها الدينية والتراثية، أخذت جلّ اهتمامها وبمثابة المجال الحيوي البصري، التي ملامحها الشكلية حاضرة في جميع لوحاتها شكلاً ومضموناً، تعكس ذاتها الشخصية في وصف مجازي، متناسبة وتداعيات الرسوم والصور المستحضرة من يوميات مخيلة عابرة، محكومة بالشفافية اللونية وبساطة التوليف الخطي والهندسة المعمارية لمرصوف البناء الشكلي الجمالي ولحمة التكوين، مساحات لونية متوالية من الأشكال المتناسلة من شكل المربع والمستطيل والدائرة وما بينها من تقاطعات شكلية وتداخلات خطية ولونية متعددة محملة برؤى رمزية خالصة.
لوحاتها منحازة لمقامات الحلم الشخصي الممزوج في شخوص وأماكن مُستعارة من طفولة مهمومة بمساحة وطن، وبقايا ذاكرة عالقة في واحة خيال ومساحة تعبير فني، معنية فقط بفسحة التعبيرالفني الحر، المتحرر من قيود النسبة والتناسب المتبعة في الرسم المدرسي الأكاديمي، خروجاً ملحوظاً عن سياقات الفنون التشكيلية الفلسطينية النمطية الممجدة للبندقية والمحاربين، عابرة حدود التبسيط المقصود لبيوت وأماكن عبادة إسلامية ومسيحية، مربوطة بشفافية اللون الممزوج بالرقة والحنو الإنساني، ورقص العصافير المُغردة في واحة شمس وقمر وفضاء مدينة. لوحاتها تدخل عالم سحري وأشبه بميادين صندوق الفرجة، تعرض رسومها المُختارة في تكوينات هندسية مؤتلفة من كادر شكلي عامر بسطوح مجازية لمساجد وقباب ومآذن مكررة في جميع الاتجاهات، وحاضنة لمشهد بصري يسبح في فلكه مجموعة فتية يعيشون أعيادهم الفلسطينية، والمكللة بسعة البياض اللوني في معادل بصرية منسوج في توليفات العناصر الداخلة في تراكيبه وتعارض لوني مشهود مع الإطار المرسوم.
تقنياً، تعاملت مع لوحاتها بطريقة مشابهة لتقنيات التشكيل الورقي التي تُقسم اللوحة إلى مجموعة من المساحات اللونية المرصعة وفق تقنيات التصوير الفني المعاصر، الخارج عن سرب اللمسة المدرية النمطية، فهي محلقة في سرب التعبيرية فكرة وتقنية وأسلوب، تأخذ من فنون الكولاج اللصقي حالة تعبيرية شكلية لفسيفساء جمالي ولوني من نوع آخر، لا تُحافظ فيها على واقعية المشهد المرسوم، بل تُطلق العنان لمخيلتها الخصبة، ويدها الماهرة والقادرة على اختيار عناصر ومفردات التكوين، الشمس والقمر والعصافير والمساجد والمآذن الشخوص لديها، عبارة عن أشكال هندسية مجدولة ومرصعة في إطار متواليات المثلث والمستطيل والمربع والنجمات ونصف الدائرة، واللون محمول بالتناقض اللوني ما بين فضاء الأبيض والأسود وما يتصل فيها من مباهج لونية متدرجة من واحة الألوان الأساسية.
لوحاتها " عريس وعروس" هي حالة بصرية تستحضر الماضي البعيد بكل زخرفه ومجونه وخياله، طفولة محمولة بالبراءة والفرحة والتسامي، معجونة بحكايات الصبايا في لحظة عمر عابرة، تجمع مدين القدس وأطفالها في حِلة شكلية متجانسة المساحات والملونات، تتلاشى فيها النسب الذهبية المعمول فيها في التصوير الأكاديمي، وانتفاء ملحوظ للبعد الثالث، وترك الحرية المطلقة لرقص المساحة الموزعة ما بين رمزية الشخوص المتطاولة وجغرافية المدينة المقدسة، تجمعها الفنانة في قلب تعبيري واحد متواصل الحلقات، اللون فيها صريح مستقل بحدته اللونية داخل كل مساحة من مساحاته، وهي لمسات تقنية أقرب لمساحات الإعلان البصري، وجوه شخوصها بلا ملامح تفصيلية مفتوحة مساحة الحلم واليقظة، وعلى مدينة موصولة بتاريخ عريق.
لوحاتها " عريس وعروس" هي حالة بصرية تستحضر الماضي البعيد بكل زخرفه ومجونه وخياله، طفولة محمولة بالبراءة والفرحة والتسامي، معجونة بحكايات الصبايا في لحظة عمر عابرة، تجمع مدين القدس وأطفالها في حِلة شكلية متجانسة المساحات والملونات، تتلاشى فيها النسب الذهبية المعمول فيها في التصوير الأكاديمي، وانتفاء ملحوظ للبعد الثالث، وترك الحرية المطلقة لرقص المساحة الموزعة ما بين رمزية الشخوص المتطاولة وجغرافية المدينة المقدسة، تجمعها الفنانة في قلب تعبيري واحد متواصل الحلقات، اللون فيها صريح مستقل بحدته اللونية داخل كل مساحة من مساحاته، وهي لمسات تقنية أقرب لمساحات الإعلان البصري، وجوه شخوصها بلا ملامح تفصيلية مفتوحة مساحة الحلم واليقظة، وعلى مدينة موصولة بتاريخ عريق.