الرئيسة/  مقالات وتحليلات

 " قربان " على مذبح معبد كهنة حماس

نشر بتاريخ: 2025-06-10 الساعة: 13:02

 

- موفق مطر


"تقدمون من دمائكم قربانا لله عز وجل"! في هذه الجملة تكمن الكارثة، التي ستدمر آخر معالم  ثقافتنا الإنسانية، وتردنا إلى أزمنة، حيث كان الكهنة يحثون المجموعات البشرية التي يتحكمون بمصائرها، على تقديم أبنائهم قرابين على مذابح معابدهم صاغرين، بحجة التقرب من (آلهة) صمموا أشكالها، لتبعد عنهم شبهة المصالح، والمكاسب، وتحجب البصائر عن رغباتهم الجامحة في التسلط والتحكم بمصائر المجتمعات من سلالة آدم، فالمطلوب تلبية دعوة كاهن المعبد بدون تردد، فيقدمون على ذبح أولادهم تقربا لآلهة وهمية، ابتدعتها مخيلة الكهنة فقط. 

رئيس المكتب السياسي لجماعة حماس (خليل الحية) قائل العبارة بين مزدوجين في مقدمة المقال، استغل مناسبة  "يوم عرفة" ووقوف المسلمين على جبل عرفات، ليستنسخ صورة مزيفة (لله) -سبحانه وتعالى عما يصفون-  رسمتها جماعة الإخوان المسلمين في مخيلة أعضائها ومناصريها، وحتى البسطاء من العامة، عبر منابر المساجد، بمحاولاتهم اليائسة لتغييب الله الحق، الحي، القيوم، الرحمن، الرحيم، السلام، المحبة، وفرض صورة (رغباتهم الدموية) ونسبها زورا وبهتانا إلى الله، ولا غرابة أن بلغنا يوما نرى ونسمع أحدهم يرفع كفيه نحو السماء داعيا: "اللهم خذ من دمنا حتى ترضى"!!! أو أن يبادر مضللون بهذا التعميم، بتهنئة والد أبيدت عائلته (كلها) بسلاح تلموديين دمويين، يحضون أيضا على التقرب من (إله دموي) رسخوا صورته في أذهان أتباعهم، حتى باتوا يفاخرون علنا بجرائم بقر بطون الحوامل، وقتل الأجنة في أرحامها!.

هنا تكمن الكارثة، فقد طغت ثقافة القتل وسفك الدماء بغير حق على ثقافة الحياة والسلام، واستخدم التلمودي وتوأمه الإخونجي مصطلحات العقائد السماوية واستغلوا ضعف معارف الناس، ليتمادوا في الافتراء على الله، حتى فاقت آثار عدوان كل منهما على إرث وثقافة الإنسانية، آثار الحملات العسكرية والحروب العالمية التي شهدتها البشرية، ذلك أنهما ما زالا يستنسخان العدائية المطلقة، الكفيلة بتدمير الكينونة الإنسانية لمجتمعات وشعوب وأمم، وإفنائها.

وأفظع ما فيها ارتدادها، وأخذها منحى التدمير الذاتي بعد خروجها عن السيطرة، ولعلنا نذكر خليل الحية أن فرع جماعته المسلح في فلسطين المسمى (حماس)، قد عمم خطابا، لا صلة له أبدا في خطابنا الوطني والثقافي الإنساني مثل: "نحن نفجر الدم اليهودي ونسافر به الى الجنة" و"نقرع بجماجم اليهود أبواب الجنة" و"قتل اليهود عبادة نتقرب بها الى الله" وكيف تحول ما بين عشية وضحاها الى عدائية مطلقة للذات الوطنية الفلسطينية، تجلت فيما كان يردده اعضاء في حماس في منافساتهم على قتل الآخر الفلسطيني، الذي يخالفهم الرأي والموقف السياسي، مثل: "آجرني به يا أخي لأدخل به الجنة" في تسابق لا يمكن تصوره، للفوز بفرصة قتل فلسطيني وطني عقلاني، وأن طغيان هذا المفهوم، وتكدسه في دهاليز ادمغة قيادات حماس المظلمة، قد دفعهم للكفر بقداسة النفس الانسانية، وقيمة المواطن الفلسطيني، الذي لا يرونه أكثر من "قربان" على حد ما أفصح عنه بخطابه، ومجرد "منتج" صناعي بمعيار سامي أبو زهري، و"خسارة تكتيكية" وفقا لخطاب خالد مشعل، و"أرقام" وفقا لغازي حمد، وأن الأنفاق هي لحماية قيادات حماس، وليذهب المواطنون واللاجئون الى الجحيم تحت مسؤولية دولة الاحتلال (إسرائيل) كما قال موسى أبو مرزوق.

أما الوجه الأفظع، الأفصح عن حقيقة هذه الكارثة، أنهم يحضون الفلسطينيين على القتال والموت و"التضحية بكل شيء" ويعرفون أن صواريخ وقذائف جيش الاحتلال تحول "الأطفال والنساء والشيوخ إلى أشلاء وتخترق شظاياها بطون الجوعى الخاوية" كما قال الحية بلسانه، ويتحدثون عن الإبادة الدموية الصهيونية، وكأنهم خسروا جولة في ذهاب دوري لكرة القدم! ويحضون الفلسطيني المسكين على تقبل مصيره كقربان، ليتكسبوا من التجارة بدمائه، وبيع وشراء صور آلامه وأحزانه ومعاناته وجوعه ونزوحه، أما حياة الفلسطيني في منظور قادة حماس،  فمرهونة بترخيص من كهنة معبدهم!

Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025