الرئيسة/  مقالات وتحليلات

آلاء: يا سيادة التاريخ إنهم جميعا شركاء

نشر بتاريخ: 2025-05-31 الساعة: 00:32

 

 الكاتب /  موفق مطر


أي آلام وأحزان أعظم وأثقل من تلك التي ما زالت تمزق قلوب الأمهات الفلسطينيات منذ مئة عام وأكثر ؟! من هذا الذي قرر تقديم أطفالنا لحما طريا، مدمى، أو متفحما (للتلمودي)، فإن كان هذا لا يشبعه إلا فناء آخر فلسطينية على وجه الأرض، فلماذا يسترخص (الجاهليون الظالمون)  نفوس وأرواح مواليدها ؟! .. وهل سيجد الهمجي القاتل، ومانح الذريعة في كتب الإنسانية في مشرق الدنيا ومغربها، في بلاد أجناسها وأعراقها، وأممها  وفلسفتها وشرائعها منطقا، أو شرعا، أو قانونا، يغلبون به محكمة التاريخ، فالفلسطينية الإنسان (آلاء النجار) تقف الآن في حضرة العدالة، وستبقى للأبد، الشاهد والشهيد الحي على المجرمين، تدلي للقضاة رواية الحق، وتفاصيل جريمة الإبادة، فإن كان الشعب الفلسطيني كله الضحية والشاهد، فإن (آلاء) أم الشهداء، وستقول: كنت أمنح الأمل بالحياة لجرحى ومرضى، أمدهم من شراييني، ما استطعت من منهل علمي ومعرفتي، دافقا بالمحبة والسلام، فالإنسان أخو الإنسان، وفي لحظة فارقة صار عمرها قرنا ونيفا يا سيادة قضاة الناس في الدنيا، رأيت مستقبلي (أطفالي التسعة) بلا ملامح، ما زالت رائحة نيران ودخان سلاح (التلمودي) الفتاك تنبعث من أجسادهم المحروقة، والممزقة، فاستحضرت تعاليمه " اقتلوا أطفالهم .. حتى الأجنة في بطون أمهاتهم، حتى لا يكون على هذه الأرض فلسطيني جديد، أما القائل "سنقاتل حتى آخر طفل فينا"، وذاك الخارج على مبادئ وعقيدة الأبوة الإنسانية (السعيد) الذي "قاتل بلحم أطفالي" طواحين الهواء في (جزيرة) التحريف والتخريف والتضليل، فإنهم جميعا يا سيادة التاريخ شركاء.

سجل يا سيادة التاريخ، أننا نحب الحياة، ونريدها بإرادة بلا حدود، وبإيمان نستمده من عقيدتنا الإنسانية، ومصممون على الفوز بها بأمان وبسلام، وأطفالي التسعة ما فكرت يوما برؤية صورهم وأسمائهم في معلقات جدارية، أو مجرد قصص في صفحات الميديا (المأساوية)، ينشرها بشريون آدميون، لكنهم بلا أحاسيس ومشاعر كالريبوتات، سجل أني رسمتهم أحياء في قلبي قبل ذاكرتي بالنور والضياء، ليحيا بهم ومع أقرانهم الوطن، ويحيون معنى المجد للوطن، فالموت يا سيادة التاريخ ليس غايتنا، ولم يكن يوما نشيدنا، لقد رأيت وأنا على يقين صورة الطبيب، والمهندس، والمبدعة، والأديب، والرائد في الثقافة، ورائد الفضاء، والفيزيائي الذي سيكتشف قوانين الطبيعة الضامنة لتوازن أمة الإنسان، ومنعها من الانزلاق في هاوية الصراعات الدموية، فأنا يا سيدي أم، قد أنجبتهم حبا، غذيت إنسانيتهم، قبل أجسادهم، هيأت لهم رؤية الحياة كامتحان، بمعرفة وحكمة وتعقل لنيل النجاح بدرجة امتياز، هيأت لهم سبل الإيمان بالسلام ..لكن غدر تجار الحروب، ودعاة الكراهية والعنصرية  كان أسبق، فاعدل يا سيادة التاريخ، ليطمئن قلب آلاء على العاشر من أبنائي، بعد انشطار كبدي على إخوته التسعة .

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025