الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لماذا رفح الآن؟!

نشر بتاريخ: 2025-04-17 الساعة: 03:32

 

 موفق مطر


حملة الابادة الجماعية الدموية الاسرائيلية، التي ابتدأتها حكومة الصهيونية الدينية بقيادة نتنياهو قبل سنة ونصف من الآن، بذريعة هجوم حماس في 7 اكتوبر 2023 تتوسع، وتحقق اهدافها الحقيقية غير المعلنة – التي ادركناها مبكرا - بوضوح وجلاء، والدليل تدمير مدينة رفح جنوب قطاع غزة وضمها الى المنطقة ما يسميها الاحتلال بالأمنية، ما يعني قطع التواصل الجغرافي ما بين حدود دولة فلسطين مع مصر العربية، والسيطرة عليه أمنيا بالمطلق، وهذا يعني استباق المسعى الفرنسي في اطار الاتحاد الأوروبي، للاعتراف بدولة فلسطين، ولمنع إعادة العمل باتفاقية المعابر سنة 2005 بين السلطة الوطنية الفلسطينية، وحكومة اسرائيل، تحت اشراف الاتحاد الأوروبي، لكننا على يقين أن لإسرائيل أهدافاً أبعد، تتعلق بفرض امر واقع عسكري امني (احتلال مباشر) داخل الأراضي الفلسطينية (على الحدود مع مصر) في اطار الضغط على مصر العربية لقبول فكرة تهجير سكان قطاع غزة من ناحية، وتكريس واقع عسكري جديد ضاغط ومخالف للاتفاقيات القائمة بين مصر وإسرائيل، ولا نغفل هنا الدعاية الاعلامية الاسرائيلية، الطافحة بمنهج تخويف المجتمع الاسرائيلي من تنامي قوة مصر العسكرية، بالتوازي مع توسع قواعد البنية الاقتصادية، في ظل توازن واستقرار سياسي، وقدرة مصر على الخروج بأمان من كل المواجهات والضغوط السياسية، التي فرضت عليها من دول كبرى وأخرى في الاقليم، فإسرائيل معنية بانشغال دول عربية اقامت معها اتفاقيات سلام بمشاكل داخلية تنعكس سلبا على وحدة شعوبها الوطنية، ولا ضير لديها إن وصلت حد الصراع المباشر مع دول اخرى! ولا تخرج المملكة الاردنية عن منظور ساسة (اسرائيل) بهذا الخصوص أيضا، لكن الحكمة والعقلانية والواقعية السياسية، المستندة على المبادئ والثبات على الحق في ثلاثية: فلسطين ومصر والأردن ستفتح المسارات أمام السلام وفق الرؤية الفلسطينية العربية الدولية، المدفوعة بقرارات الشرعية الدولية وقوانينها ومواثيقها الانسانية.

أما شمال القطاع فالعملية مستمرة لتحقيق ذات الهدف، أي تحويله الى (منطقة أمنية) خالية من السكان، ما يعني دفع سكان شمال القطاع، وحشرهم في اماكن تجمعات سكنية دمر اكثر من 80% من مبانيها ومنشآتها الحيوية وعلى رأسها المستشفيات والمدارس والجامعات، بعد تدمير أخصب اراضي قطاع غزة، وتدمير موارده الزراعية، علاوة على تدمير ما تبقى من منشآت صناعية، وهذا حتما سيدفع مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين للهجرة – تحقيق هدف التهجير – تحت ضغط اعدام مقومات الحياة في قطاع غزة، بالتوازي مع قتل أكبر نسبة من مستقبل اكثر من مليوني فلسطيني، أي ( الأطفال والنساء )!

فساسة وجنرالات منظومة الاحتلال الاسرائيلية حولوا قطاع غزة الى ساحة لقتل المدنيين الأبرياء وتجويعهم، وتركوهم فريسة للأمراض والأوبئة، بحجة تجسيد منطق (المفاوضات بالنار) أي بالمقولة الخبيثة: "الضغط العسكري على حماس للإفراج عن الرهائن"!

فهذا القول مفضوح ومكشوف، وبات معلوما لكل المنظمات الأممية، والحقوقية المستقلة، ولكل عاقل، يحتكم لضميره الحي الحر، ولكل من يقرأ تفاصيل الابادة الدموية الجماعية ببصيرته، وأحاسيسه ومشاعره، فالعالم على يقين الآن، أن اسرائيل تستغل مفاهيم خاطئة للحياة والموت، نُشِرَت عن قصد في مجتمعاتنا العربية، لحجب العقل الانساني المفترض سيادته على الايمان بالحق والإرادة والعمل، والجهل، بخصوصيات وسمات ومركبات وطبيعة وتركيبة ومرجعيات مجتمعاتها المستوردة، وكذلك فقدان ساسة وعسكر حماس للأحاسيس والمشاعر الانسانية مثلهم، تجاه الضحايا الأبرياء، الذين تعتبرهم اسرائيل بصغارهم ونسائهم وعجائزهم وشيوخهم ارهابيون يجب قتلهم، ويعتبرهم ساسة حماس خسائر تكتيكية !! لذا ليس صعبا معرفة لماذا المناطق الأمنية في رفح بالجنوب، وفي شمال وشرق القطاع، ولماذا يُقَسم بالمحاور العسكرية الى أجزاء؟!.
 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025