الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ترامب يزيل القناع عن وجهه

نشر بتاريخ: 2017-11-20 الساعة: 09:22

مازن صافي ليست المرة الأولى التي تتم فيها المواجهة مع الإدارة الأمريكية بخصوص مكتب فلسطين في الولايات المتحدة الأمريكية، في العام 1988 رأت محكمة العدل العليا أن القانون الأمريكي الداخلي لا يلغي أو يلزم القانون الدولي، وبالتالي يعتبر الإجراء الأمريكي مخالف للقوانين الدولية، واليوم دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة وبالتالي فإن التعامل يجب أن يكون إلزاميا للإدارة الأمريكية وليس ابتزازا لمواقف سياسية ظالمة.
موقف الإدارة الأمريكية من مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية، والمماطلة في إصدار التصريح الدوري من وزارة الخارجية الأمريكية لتجديد كل 6 شهور، يعتبر موقف سلبي للغاية وانحياز تام للموقف الإسرائيلي فرئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، لم يغادر منطق الاحتلال والهيمنة على الشعب الفلسطيني، ولم يتم التقدم منذ 25 عاما في الملفات العالقة والتي تتصل بالدولة الفلسطينية، والحدود، والمستعمرات، والقدس واللاجئين، والمياه والأمن، وتوقفت الادارة الأمريكية منذ كامبديفيد 2000 عن أي مساعي حقيقة تهدف لإنهاء الاحتلال.
إن صفقة القرن أو ما يعرف بالرؤية أو الحل الأمريكي، يجب أن تكون تدخل مباشرة في تطبيق التسوية النهائية وبما يضمن توازن الحل والعدالة على أساس حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس، وفي حال نصت الرؤية الأمريكية على العودة الى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على الإدارة الأمريكية ألا تمارس الابتزاز ضد الضحية وهو الشعب الفلسطيني المحتل، والذي له حقوق ثابتة تضمنتها قرارات الشرعية الدولية، كما أن أي مفاوضات يجب ان تكون وفق برنامج زمني محدد وقصير، وان تكون تحت سقف المرجعيات والاتفاقات الدولية، وألا يتم الالتفاف على المبادرة العربية2002م.
إن استمرار الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب بهذه الممارسات المستهجنة، يعني تخليها تماما عن أي خطة حل أو برامج ضمن رؤية للسلام ولا يمكنها القيام بدور مستقل، كونها تقع تحت تأثير اللوبي الصهيوني والإملاءات الإسرائيلية ولقد انتظر الفلسطينيون طويلا لكي تتخلص الادارة الأمريكية من سياستها الداعمة لأطول احتلال في العالم، ولكن الدلائل والمؤشرات تثبت عكس كل ذلك، فها هو الرئيس الامريكي وبادارته يزيل القناع عن وجهه، ويمهد لممارسة اسرائيل لعدوان جديد على شعبنا، وتسخين المنطقة بما قد يصل الى الانفجار.
إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية جادون بتقديم كل ما يمكن من أجل حل النزاع على أساس المرجعيات الدولية وحل الدولتين وحق العودة للاجئين وأن ينتهي الاحتلال، ولكن في الحقيقة لا يوجد شريك اسرائيلي للسلام أو قيادة اسرائيلية قادرة على اتخاذ القرار، وبالإضافة الى  الغموض في الموقف الامريكي وفي تأخر الخطة الأمريكية، والخلاصة أنه لا يوجد سلام تحت ضغط الإملاءات والإبتزاز، ولن يكون هناك أي إعتراف بالدولة اليهودية، وعلى الإدارة الأمريكية أن تعود لقراءة التاريخ وستجد أن م.ت. ف قامت بكل ما هو مطلوب منها، ومن أجل تحقيق السلام العادل والشامل، وأن تعديل الميثاق والاعتراف باسرائيل، قد لا يبقى رهينة للابتزاز الامريكي او العنصرية الاسرائيلية، لأن قرار اغلاق مكتب فلسطين قد يعود عقارب الساعة الى الخلف وينتهي الاعتراف باسرائيل وهنا يبرز البديل الفلسطيني في صراع الارادات وتوازن القوة، فالرئيس الفلسطيني ابومازن الذي قال للادارة الأمريكية السابقة 12 مرة (لا)، يمكنه اليوم أن يقول لترامب وسياسته (لا) وليسمعها العالم كله أن القرار الوطني الفلسطيني المستقل مقدس ولا يمكن أن يرهن لاشتراطات أو تنازلات او اضعاف للقيادة وتهديدات بتقليص أو منع الدعم المالي للسلطة، فهذا كله لا يمثل شيء أمام الفوضى التي يمكن أن تدفع الادارة الأمريكية ثمنها في مصالحها الاستيراتيجية بالمنطقة سياساتها في ظل وجود أحلاف جديدة وقوى بارزة دولية واقليمية، تنتظر أي أخطاء أمريكية لكي تجهض مشاريعها القادمة وخطتها القادمة.
إن استمرار الحراك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني والإنضمام للمنظمات الدولية والمطالبة بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة، رسائل هامة للإدارة الامريكية المنحاز للاحتلال الاسرائيلي العنصري، كما أن إتمام المصالحة الفلسطينية والوصول للوحدة الوطنية والتضامن العربي مع قضيتنا كون فلسطين قضية العرب المركزية ولا تطبيع مع الاحتلال قبل انهاء وجوده فوق الارض العربية وقيام دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة، كلها عوامل سوف تضعف القرار الأمريكي الذي سوف يتراجع عنه اليوم أو غدا، فالمعادلة الدولية والاقليمية معقدة ولا تتحمل مزيدا من الاوراق المحترقة.

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024