الرئيسة

طقوس الطواف بجثث الموتى تزدهر في مدغشقر في أوج وباء الطاعون

نشر بتاريخ: 2017-10-27 الساعة: 19:35

أنتاناناريفو- أ.ف.ب- تشهد مدغشقر ازديادا كبيرا في مراسم تقليدية تقوم على الطواف بجثامين الموتى، في تقليد أساسي في الثقافة الشعبية لهذا البلد يقوم خلاله السكان بالرقص مع جثث ذويهم المتوفين، على رغم المخاوف الصحية التي تثيرها هذه الطقوس في أوج وباء الطاعون الذي يجتاح البلاد.

في يوم سبت مشمس في قرية امبوهيجافي قرب العاصمة انتاناناريفو، يطوف المئات من السكان في أجواء احتفالية شبيهة بالمهرجانات متجهين نحو المدافن في مراسم تعرف محليا باسم "فاماديهانا".

وتجمع هذه العادة التي تحرص عليها قبائل المناطق الجبلية في مدغشقر الحشود طوال الشتاء الجنوبي الممتد من تموز الى تشرين الاول. والهدف منها تكريم الموتى وأحيانا تحقيق بعض الأمنيات.

وتختار كل قرية تاريخ اقامة مراسم جماعية كما تختار كل عائلة الأموات الذين ستمارس هذه الطقوس مع جثامينهم خلال السنة، اذ يمكن "الطواف" بشخص ميت مرات عدة على مر السنين قبل اعادة تكفينه مرة واحدة أو اكثر تبعا لعدد العائلات الراغبة في القاء التحية له.

ويوضح المؤرخ ماهيري اندرياناهاغا أن "هذه الطقوس هي من الأكثر ممارسة في مدغشقر"، قائلا إنها "تلبي حاجة احترام الأجداد وتكريمهم كي يتمكنوا من مباركتهم بدورهم".

ويتصدر المشاركين في الطقوس اندري نيرينا اندرياتسيتوهاينا ابن الثامنة عشرة الذي انتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر.

ويوضح الشاب "تم اختياري لرفع الراية الوطنية، أنا فخور جدا بإعادة تكفيني عظام جدتي وجميع أسلافنا"، مضيفا "سأطلب منهم أن يساعدوني ويساعدونني على النجاح في امتحان الثانوية العامة".

 

"بركة"

وفي المدفن العائلي، حفر الرجال التربة وفتحوا باب القبر قبل نبش الجثامين واحدا تلو الآخر ووضعها بدقة على حصيرة.

تشعر اولي رالالاريسوا البالغة من العمر 45 عاما بتأثر كبير. وتقول "أنا سعيدة لتمكني من نبش جثمان جد جدي. هذا الأمر يسمح لأحفاده بطلب بركته للسنوات التسع المقبلة".

وفي مكان غير بعيد، يمكن رؤية الدموع في عيني ايزابيل مالالا رازافيدراكوتو. فهي تمسك بطرف يديها جثمان ابنها الذي توفي عندما كان في سن لا يتعدى الثالثة.

وتقول "أنا مسرورة لرؤية ابني مجددا واكمالي واجبي".

هذه المواجهة الغريبة بين الأموات والأحياء قد تصدم غير العالمين بهذه الطقوس. غير أنها تبقى في نظر ممارسيها عيدا يحتفون به على وقع الموسيقى والرقص وغيرها من المظاهر الاحتفالية.

وفور انتهاء المراسم في مدافن امبوهيجافي، يتناتش المشاركون الحصائر التي استخدمت في الطقوس ليضعوها تحت الفراش في منازلهم إلى حين موعد مراسم "فاماديهانا" المقبلة لكونها تجلب لهم الحظوة والنجاح بحسب معتقدهم.

 

"أكاذيب"

غير أن هذه الطقوس تثير القلق لدى الأطباء من امكان نقلها أيضا الجراثيم والأمراض لممارسيها. وقد أعادت طقوس الطواف بجثث الموتى إحياء المخاوف لدى السلطات الصحية في ظل انتشار وباء الطاعون الفتاك.

ومنذ نهاية آب، أصاب المرض أكثر من 1100 شخص وأسفر عن مقتل ما يزيد عن عشرة في المئة من هؤلاء. غير أن الوضع يتحسن على ما أشارت في نهاية تشرين الاول السلطات المحلية التي اتخذت تدابير وقائية. وسجلت حالات انتقال العدوى تباطؤا كما أن عدد المرضى الذين يشفون الى ازدياد.

وفي وزارة الصحة، يلاحظ أخصائيو الأوبئة منذ سنوات تزامنا بين "موسم" الطاعون وذلك الخاص بطقوس "فاماديهانا".

ويوضح مدير الوزارة ويلي راندرياماروتيا "اذا ما كان توفي شخص جراء الطاعون الرئوي ثم دفن في مقبرة يعاد فتحها خلال طقوس +فاماديهانا+، يمكن للجراثيم أن تنتقل وتصيب الشخص الذي تلاعب بالجثة".

وللحد من هذا الخطر، يحظر دفن ضحايا الطاعون في نعوش يمكن إعادة فتحها. كذلك يتعين الإطباق على الجثث في مدافن غير محددة.

هذا الأمر يبقى في الإطار النظري. فخلال الأسابيع الماضية، أوردت الصحافة في مدغشقر معلومات عن عدة حالات نبش جثامين غير قانونية.

لكن على رغم المخاوف التي تتحدث عنها السلطات الصحية، لا أحد في مدغشقر يجرؤ على إدانة هذه الطقوس بوضوح.

والمشاركون في هذه الطقوس لا ينوون على أي حال التخلي عنها لأي سبب.

وتقول ايلين رافيلوهاريسوا وهي من ممارسي هذه الطقوس "لا أريد اعتبار الأموات كمنسيين تحت الأرض. لقد أعطونا الحياة".

وتضيف "سأمارس دائما الطواف بعظام أجدادي، مع الطاعون أو من دونه. الطاعون ليس سوى "كذبة".

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024