الرئيسة

في شرقي القدس غير معتادين على النصر والان يريدون تكرار الانجاز..

نشر بتاريخ: 2017-07-31 الساعة: 19:20

"انا ابن 28 ولا أعرف احساسا كهذا في تاريخ حياتي، احساس الرأس المرفوع، بأننا هنا ولدينا القدرة على أن نعبر عن ارائنا ونقول ما هو هام لنا، الشعب قال كلمته. هذا المكان، الاقصى، هو هام لنا وليس لاحد غيرنا". هكذا وصف ثائر سعيد، من سكان العيساوية من شرقي القدس، احاسيس النشوة التي تغرق شمالي المدينة منذ نجاح الكفاح ضد ابقاء بوابات التفتيش على مداخل الحرم. بعد سنوات كانت فيها القدس الفلسطينية اسما رديفا للضعف، الفقر، الاحتلال والمجتمع المنقسم بلا قيادة، نجح المقدسيون بالذات في أن يمجدوا الثورة وان ينتصروا على اسرائيل بل وفي المكان الاهم لهم. في الامسيات الاخيرة تجمع مئات الاشخاص في احتفالات عفوية في الحرم وبواباته. وفي الاحياء يوزعون الحلوى ويطلقون الالعاب النارية. "انت تسافر في سيارة واحدة الى الاقصى مع جارك الذي تشاجرت معه قبل يومين على مكان ايقاف السيارة"، كتب حمدان ابو شمسية في مجموعة الفيس بوك اسأل القدس، "الكل يأتي لمساعدة الكل، المطابخ في البيوت مليئة وكل المقدسيين مدعوون. وحياتي هذا مصدر كبير للفخر. من قبل شعرنا وحيدين لانه ليس لنا اخوة، ولكني اكتشفت بان لدي اخوة واخوات اكثر من الجميع. كونوا فخورين، ايها المقدسيون!".

السؤال الذي يسأله الجميع الان هو اذا كان ممكنا مواصلة الكفاح في مواضيع اخرى ايضا – هدم المنازل، نقص صفوف التعليم، التنكيل البيروقراطي وربما حتى ضد الاحتلال كله. بكلمات اخرى، هل كان الاسبوعان الاخيران فصلا عابرا في تاريخ القدس الفلسطينية أم نقطة انعطافة؟ يوم الاحد قبل اسبوعين، عندما سعت الشرطة الى اعادة فتح بوابات الحرم، بعد أن اغلقت في اعقاب العملية التي قتل فيها الشرطيان، راهن الفلسطينيون المقدسيون. بضغط الجمهور رفض الشيوخ الذي يديرون الاوقاف الدخول الى الاقصى واعادة الحياة الى المكان المقدس للمسلمين طالما بقيت البوابات الالكترونية منصوبة. في الساعات الاولى لم يكن واضحا اذا كانت المقاطعة ستنجح ام ستفشل. ولكن في غضون ساعات تبلور في بوابات الحرم كفاح شعبي لم يشهد له مثيل في شرقي القدس منذ 1967. الاف السكان احتشدوا في باب الاسباط كل يوم في اعتصام، صلاة جماعية وخطابات. ساحة المساجد نفسها بقيت شاغرة من الناس. وكان نجاح المقاطعة مطلقا. على مدى ايام الكفاح اجتهد الفلسطينيون المقدسيون الا يكون كفاحهم عنيفا، ومعظم الصلوات تفرقت بهدوء. في قسم هام من الحالات بدأ التفريق الوحشي للشرطة بسبب شأن تافه – في الغالب القاء زجاجة ماء. "اعتقد  أن الناس فهمت اللعبة، فكفاح مع عنف اقل يعطيهم نفسا اطول وهذا يحرج اسرائيل"، قال احمد اسمر، ابن 30 من وادي  الجوز.

"لزمن طويل نجح الاحتلال في تفريقنا وعزلنا، هذا فتح، هذا حماس، هذا قدس، هذا مناطق. لاول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني نتحد بمثل هذا الشكل للحصول على حقوقنا. لاول مرة يشعر الشعب بالقوة التي لديه وهذه قوة الوحدة. السؤال هو هل سيستخدم قوته مرة اخرى، وليس فقط في سبيل الحقوق الدينية؟"، قال احمد صب لبن، باحث في جمعية "عير عميم" ومن سكان البلدة القديمة. وفي الايام الاخيرة انطلقت بالفعل دعوات لحشد الطاقة الناشئة في الاحتجاج ضد هدم المنازل المخطط لها في قرية الولجة في جنوب القدس.

لقد جاء نجاح الكفاح بعد سنوات طويلة اعتبرت فيها شرقي القدس مكانا بلا قيادة. وعمليا منذ وفاة فيصل الحسيني في 2001، لم يقم في القدس رجل يمكن وصفه كزعيم سياسي مقبول. ومثلما في حالات اخرى، فور بدء الاحداث اعتقلت الشرطة كل من كان يمكن أن يعتبر زعيما محليا: رجال فتح، رجال حماس، الرجال المتماثلين مع السلطة الفلسطينية او نشطاء محليين. الوحيدون الذين لم يعتقلوا كانوا الزعماء الروحانيين. ورغم ذلك ادعى كثيرون بان رغم أنهم اتخذوا القرار الاول بعدم الدخول الى المساجد، فان الزعماء الروحانيين لم يقودوا الكفاح حقا.

يسارع المقدسيون ايضا للتنكر ممن يحاولون ركوب نجاحهم. فعندما أنهت مراسلة التلفزيون  الرسمي للسلطة الفلسطينية، كريستين الريناوي تقريرها من القدس بالشكر لمحمود عباس، تلقت موجة من الشجب، التشهير والتهديد.  وفي هذه الاثناء  بقي الكفاح بلا قيادة واضحة، بحيث أنه حتى اذا كان ثمة من يرغب في ربطه باهداف اخرى، فليس واضحا من يستطيع عمل ذلك.

الكل متفق على أن للاقصى قوة تجنيد ليست ذي مواضيع اخرى على جدول  الاعمال الفلسطيني في القدس وان هذه القوة لا ترتبط على الاطلاق بالمعنى الديني للمكان. فقسم كبير من النشطاء في  الاحتجاج كانوا شبانا علمانيين، لم يعهدوا في الايام العادية أن يأموا المساجد. "ثمة للمكان  الاهمية الدينية، ولكني كمقيم في  القدس يسكن هذا المكان في داخلي ليس بسبب الله وليس بسبب الاسلام. أنا علماني، واهمية هذا المكان تتجاوز حدود التدين.  هناك اشعر اني في بيتي، هناك أنا حر"، قال سعيد. الكثير من الشرق مقدسيين يصفون ساحة المساجد بانها قمة العرش. المكان الاخير في فلسطين الذي لم تنجح اسرائيل في احتلاله، وفيه يمكن للفلسطيني، المتدين، العلماني وحتى المسيحي أن يشعر باحساس التحرر من عبء الاحتلال. "هذا شيء جد جد عاطفي"،  قال أسمر، "هذا يرتبط بالذكريات، بالعاب كرة القدم في المكان،  بالنزهات، بصورة القدس مع قبة الصخرة. هذا متعلق بالشرف".

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024