الرئيسة

مختارت صحفية

نشر بتاريخ: 2017-11-01 الساعة: 00:00

توجد استراتيجية عليا لحماس للمصالحة

شاؤول اريئيلي: هآرتس 

لا يمكن التنبؤ بأن تفجير النفق في كيسوفيم، الذي قتل فيه ثمانية نشطاء من الجهاد الاسلامي وحماس، سيجر وراءه رد من قبل المنظمتان، ولكن يمكن التقدير بأن ذلك سيكون اختبار هام ليحيى السنوار، قائد حماس في قطاع غزة، كي يمنع أو يستوعب بسرعة هذه الحادثة من اجل الحفاظ على الاستراتيجية التي تبنتها مؤخرا حماس برئاسته.

إن الضجة التي ترافق عائلة نتنياهو والقانون الفرنسي، خلقت ضبابا كثيفا، نجح في فصل ما يجري على بعد بضعة كيلومترات عن الخطاب العام الاسرائيلي، رغم الامكانية الكامنة المخفية فيه، لاحداث تغيير دراماتيكي في الوضع الحالي.

إن التدهور الحاصل في اقتصاد حماس ومكانتها السياسية نتيجة الاغلاق المتواصل الذي فرضته اسرائيل وسياسة السيسي والخطوات العربية ضد قطر وخطوات محمود عباس الاخيرة التي أدت الى قيام السنوار، مثل سلفه اسماعيل هنية قبل عملية الجرف الصامد، بالاقتراح على محمود عباس ادارة القطاع. هذه الخطوة تم اعتبارها خطوة للخلف، لكن حسب رأي السنوار، هي تقدم حماس خطوتين الى الأمام – هذه الخطوة ستحررها من المسؤولية عن السكان في غزة وتمكنها من الخروج من حدودها الضيقة الى الضفة الغربية وشرقي القدس واسرائيل ودول المنطقة. السنوار يعترف بما لا تعترف به اغلبية الوزراء في اسرائيل: م.ت.ف، رغم ضعفها، هي المنبر الافضل من اجل الوصول الى اختراق حقيقي.

 من اجل ذلك فان السنوار والقيادة الجديدة المحيطة به بقراءتهم الصحيحة لتوق الجمهور الفلسطيني الى هذه المصالحة منذ أكثر من عقد، على استعداد للذهاب بعيدا من اجل تحقيقها. وأكثر دقة، القيادة المشتركة. حسام بدران، المسؤول عن ملف المصالحة مع فتح من قبل حماس، قال في المقابلة الاولى التي أجريت معه في صحيفة "الحياة" الصادرة في لندن، إن "قيادة حماس الجديدة التي تستند الى أسرى محررين (صفقة شليط)، والتي لم تشارك في الانقسام الفلسطيني الداخلي، هي التي قررت أن تنهي بكل ثمن هذا الانقسام". التوضيح الذي قام بنشره فيما بعد لا يلغي الانتقاد الموجه للقيادة السابقة برئاسة خالد مشعل، التي واجهت انتقاد من قبل فتح لأنها خدمت أجندة الاخوان المسلمين وقطر وتركيا الذين لم يرغبوا في المصالحة الفلسطينية الداخلية.

حتى في موضوع الذراع العسكري لحماس، ذهب السنوار بعيدا وقال في هذا الشهر: "نحن كشعب ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني، ونحن لا نستطيع التنازل عن سلاحنا. فهذا السلاح يجب أن يكون تحت مظلة وطنية شاملة يشارك فيها جميع الفلسطينيين، وهذه المظلة هي م.ت.ف. سلاح كتائب عز الدين القسام هو ملك للشعب الفلسطيني". أي أن م.ت.ف هي التي تمثل الشعب الفلسطيني. لذلك يجب عليها ضم كل التنظيمات. وعندما سيحدث ذلك فان حماس ستتنازل لصالح م.ت.ف عن سلاحها، على فرض أن حماس هي التي ستقود م.ت.ف.

قيادة حماس لا تتأثر من ذر الرماد في العيون من قبل نتنياهو وحكومته الذين اعلنوا بأنهم لن يقومون باجراء المفاوضات مع السلطة الفلسطينية التي تضم حماس. أولا، لأن الحكومة الاسرائيلية تعرف الامر الاساسي جدا الذي لا يعرفه الجمهور الاسرائيلي وهو أن حكومة اسرائيل لم تتفاوض في أي يوم مع السلطة الفلسطينية، بل مع م.ت.ف فقط – الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والتي رفعت الجمعية العمومية في الامم المتحدة مكانتها من منظمة الى دولة مراقبة في 29 تشرين الثاني 2012. وليس من صلاحية السلطة الفلسطينية اجراء مفاوضات على الاتفاق الدائم، وهي تستطيع أن تحل نفسها غدا، لكن "فلسطين" ستستمر في الوجود كدولة مراقبة، حيث رئيس م.ت.ف هو رئيسها.

ثانيا، قيادة حماس تعرف موقف حكومة نتنياهو، الذي يرفض حل الدولتين. نائب اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي، صالح العاروري، وهو أسير محرر ايضا، أوضح هذا الامر في الشهر الماضي: "الطريق السياسية فشلت ولم تحقق أي شيء، ولم تجلب للشعب انهاء الاحتلال. ولكن اضافة الى ذلك، حركة فتح وشركاؤنا في المصالحة يؤمنون بهذه الطريقة، ويعتقدون أن الانقسام يخدم نتنياهو في تدمير هذه الطريق. نحن في حماس، لاسبابنا الخاصة، نريد اعادة وحدة الشعب الفلسطيني وتعزيز موقفه ومكانته وقدرته على مواجهة المؤامرة الصهيونية. نحن شركاءهم في الرغبة في توحيد الساحة الفلسطينية من اجل أن نجني من ذلك فائدة من النشاط السياسي لصالح شعبنا وقضيتنا. نحن وشكاؤنا سنمضي لتحقيق مصالح شعبنا من خلال نشاطات مقاومة ونشاطات سياسية".

هذا يعني أن حماس لن تتفاوض مع اسرائيل، لكنها لن تزعج م.ت.ف بقيامها بذلك. واذا احتاج الامر الى التنازل من اجل ذلك فان حماس ستتنازل، فقط من اجل الاظهار أن الطريق السياسية قد فشلت دون أي صلة بالانقسام الفلسطيني. عندها تستطيع المجيء بأيدي نظيفة للجمهور الفلسطيني وأن تقول "لقد حاولنا كل السبل" مع اسرائيل، لهذا على فتح وعلى طريقها السياسي أن تخلي الطريق لحماس والمقاومة المسلحة؛ عودة الى ميثاق م.ت.ف الأصلي، قبل اتفاقات اوسلو، الذي قدس الكفاح المسلح.

المصريون الذين لا تتطابق مصالحهم تماما مع مصالح اسرائيل، يفضلون توحيد الصفوف في العالم العربي أمام التهديد التركي والايراني على القومية العربية. عباس الذي يعرف الشرك الذي تم ادخاله اليه عن طريق المصريين، بموافقة امريكية، ويعرف موقف حكومة نتنياهو، يفعل كل ما في استطاعته من اجل التملص من هذا الشرك ومن اتفاق المصالحة. بعد لقائه مع الملك عبد الله، ملك الاردن، في الاسبوع الماضي قال "في اطار الاتفاق في القاهرة، يجب أن تكون هناك سلطة واحدة، قانون واحد وسلاح واحد، بصورة لا تكون فيها مليشيات، لأن هذا نموذج غير ناجح. هذا هو القصد من المصالحة". أي أن دخول حماس الى م.ت.ف سيكون مشروطا باحتواء الذراع العسكري.

 في الظروف الحالية، الاحتمالات ليست كبيرة لاكمال عملية المصالحة وانجاز الاتفاق. حماس التي ستتوقف من هذا اليوم عن جباية الضرائب في المعابر، ستبقى غير قادرة على دفع رواتب موظفيها. وحتى لو تم ايجاد حل مالي مؤقت، فان عدم الاستقرار سيكون كبيرا الى درجة ستمنعها من الاستمرار في البقاء لفترة طويلة. كل تصعيد بين حماس واسرائيل يحظى بدعم الجمهور الفلسطيني، وضمن الجو القائم، فان فشل المصالحة سيقع على مسؤولية محمود عباس، الذي لن يستطيع اتهام حماس، ولن يكون امامه خيار آخر سوى الانضمام الى موجة العنف بطرق مختلفة. اسرائيل يمكن أن تواجه جبهة فلسطينية موحدة تكون فيها حماس هي الموجهة.

احتلال غزة، حسب وجهة نظر وزير الدفاع ليبرمان، سيوسع فقط الجروح النازفة. فحماس ستحظى بسيطرة أكبر في الضفة الغربية وشرقي القدس وحتى في اوساط جزء من عرب اسرائيل.

حكومة عقلانية في اسرائيل كانت ستحاول تبني نظرية الجودو، وأن تجر حماس الى داخل م.ت.ف. وفي المقابل، استئناف المفاوضات الجدية والناجعة من اجل التوصل الى التسوية الدائمة. محمود عباس سيحصل على الهيبة المطلوبة من اجل ضمان أن لا يفقد كرسيه ليحيى السنوار. وحماس ستضطر رغم أنفها الى الاعتراف بكل القرارات سارية المفعول لـ م.ت.ف والتي تفي بشروط الرباعية وعلى رأسها الاعتراف باسرائيل. ولكن يبدو أن مؤامرات عائلة نتنياهو ملحة وهامة أكثر بالنسبة لحكومة اسرائيل.

 

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024