الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بعيدون عن أهداف "معركة" مخيم جنين

نشر بتاريخ: 2018-04-03 الساعة: 10:11

فارس صقر ما أن يصل التاريخ إلى بداية شهر نيسان، حتى نعود لتفاصيل أيام كُتبت بدماء وألمّ وتضحيات فلسطينية في "معركة" مخيم جنين التي استبسل من خاضها حتى ولو معنوياً. قبل 16 عاماً بدأت "معركة" مختلفة المعايير يتحصن فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي بعتاد مادي، مقابل معنويات أكبر من ذلك العتاد الذي لم يهزمه وبُرهن ذلك بثبات المقاومة وانتصارها.
بدأت المعركة دون إنذار، ودون العلم بأنها ستُخلد، لتتحول إلى "ملحمة" وضع قواعدها سكان المخيم أصحاب الأرض الأصليين، وخاضها من يريد سرقة تلك الأرض وتدميرها لأبعاد رُسمت منذ "وعد بلفور المشؤوم" قبل مئة عام، لتظهر ملامحها في أيامنا الحالية، ثلة من المقاتلين من مختلف الفصائل آمنو في الوحدة الوطنية، ولا يمتلك إلا القليل منهم أسس وقواعد الحرب، لكن الإيمان بالله أولاً وبالقضية ثانياً أكبر من أي سلاح وعتاد قهرت جيشٌ قيل عنه لا يقهر، وسطر التاريخ ذعره وخوفه. 
وإذا أردنا الرجوع لتفاصيلٍ تحمل ذكريات أليمة بات الجميع يعرفها من وجع لا يدركه إلا من خاضه وسط رهبة القصف وكثرة دماء ومآسي تلك المعركة، ووجع الشهداء الأحياء، وغصة 53 عائلة فقدت فلذات أكبادها، وغياب النور من كل منزل فقد ابناً أسير، وضياع شقاء سنوات بركام منازلهم التي هُدمت.
الحكومة الإسرائيلية أطلقت عملية "السور الواقي" لكسر شوكة مقاومة فلسطينية بثت بكافة أشكالها الرعب داخل الإسرائيلين لتصل قلوب قادتهم، ولتعمل بذلك على كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتفكيك أوصاله الثورية التي أصبحت نهجاً.
كإرث وطني ثوري نفتخر ونعتز به الذي ورثناه من "معركة" حقيقية سُطرت بدم الثقة الموجودة بين مقاتلين الفصائل الذي لم يتجاوز عددهم المئة وخمسين، وبعد 16 عاماً على ذكراها، نحن الأبعد عن ذلك الموروث، وتنكرنا بات واضحً لتلك الأحداث، فممارساتنا اليومية وصفاتنا التي اكتسبناها على مدار 16 عاماً كفيلة لتُبين مدى الإختلاف الكبير بين من قدَم وبين من تصنع التقديم، ليصل بنا الموصول إلى ركوب الموج والحصول على مكاسب شخصية، فشواهد ذلك كثيرة!
ولعل مقولة "الثورة يقوم بها الشرفاء، ويدفع ثمنها الشهداء، ويجنى ثمارها الجبناء"، تكاد تكون واقعية على ذكريات "معركة" مخيم جنين بعد 16 عاماً على حدوثها، والشيء المختلف هنا أن أسلوب البعض تغير ووصل "للحداثة"، في المقابل ما زال الاحتلال الإسرائيلي يُمعن في سياسته الإجرامية كل يوم بحق الشعب الفلسطيني دون تمييز، ويعمل بنفس الأسلوب لاقتلاعنا من الأرض التي قُدم الكثير من أجلها.
"المعركة" كانت درس حفظه الجميع، ولم يفهمه سوى البعض، ليحصد ثمارها أقلاء ببضع أوسمة، لم يرض بها من قامو بتلك المعركة، ولكن بعد 16 عاماً أؤكد بأننا بعيدون كل البعد عن هدف تلك "الملحمة".

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024