الرئيسة/  مقالات وتحليلات

وماذا بعد؟!

نشر بتاريخ: 2017-08-20 الساعة: 13:18

بقلم عماد الأصفر- سنظل نقول ان داعش ارهابية، وانها ليست على شيء من الدين القويم وانها صنيعة الأعداء، او على الاقل تخدمهم بما تصنع، سيسعى فريق الى اثبات ان في الدين او في تفسيراته المتطرفة ما يؤسس لداعش، وان هناك داعش مجتمعي وثقافي، وان الداعشيين ليسوا سوى مهووسين جنسيا يبحثون عن جهاد النكاح والحور العين والغلمان المخلدون ............ وماذا بعد؟!

كل هذا سطحي بل وعدمي ولا يؤسس لحل، سطحي بمستوى سطحية داعش نفسها حين لا تعد أعضائها باي مستقبل على الارض بل بحياة هانئة في السموات العُلى .

بات من الواضح ان داعش مؤهلة للاستمرار والتكاثر والتناسخ وان مهمتها في اقناع أعضائها بتفجير انفسهم، بل وتفجير اطفالهم حتى، مهمة ليست بالصعبة، خاصة وان ادوات القتل قد اصبحت هي نفسها ادوات الحياة كالسكين والسيارة والجرافة والشاكوش والساطور وغيرها.

ما ينقصنا ادراكه هو اننا كنظم سياسية ومؤسسات دينية وتربوية واعلامية وقوى مجتمعية، مشاركون ايضا في التأسيس للداعشية وأشباهها ومتورطون تماما في دفع الناس الى أحضانها

من يزرع وينتج يوميا اليأس والقهر والفقر والجهل وضياع البوصلة وانعدام الافق وموت الطليعة، هو خير خادم لداعش وللإرهاب عموما وهو خير مبشر بها ومجند لها. هذا ما نحتاج الى ادراكه والاعتراف به والعمل على اساسه .

من فقد الأمان والمنزل والمال، ووقف مع اطفاله في البرد والعراء قرب ركام منزله المهدم، ومن اصبح طريدا مهددا، ومن لا يجد قوت يومه، ومن يبحث عن وظيفة ولو وضيعة منذ سنوات ولا يجد،  ومن يعاني من النبذ والطائفية والعنصرية، ومن يتربى على يد مشايخ الفتنة الكثر في كل مكان،  هؤلاء لا يموتون جميعا، ولا يغرقون في رحلة هجرة غير شرعية، ولا يتبخرون في الهواء، هؤلاء ينتظروننا، ولكننا لا نذهب اليهم، فيلتجأون الى داعش، لانها توفر لهم مجتمعا يحبهم ويتقبلهم ويدفعهم للانتقام، ويعطيهم الامل الخادع بالجنة، وكأن الجنة قد خصصت فقط للقتلة.

في قطاع غزة هناك عائلات تعيش مع اولادها وبناتها في المقابر، لم اصدق ذلك بداية، واعتقدت ان الحديث يدور عن عشوائيات القاهرة، ولكن ثبت ان هناك عشرات العائلات التي تعيش في مقابر غزة ودير البلح بين القبور تقتات من النفايات وتعاني من لدغات الحشرات والعقارب والثعابين ولا يملك أطفالها ألعابا ولا حلوى او قرطاسية، يملكون  فقط مساءات مرعبة وكوابيس.

 البعض قال لي ان هذه المشكلة قديمة واقدم من حماس، ولكنها زادت بوجودها كثيرا، الحركة الربانية التي تفطر بالتومان الايراني وتتغدى بالريال القطري وتتعشى بالليرة التركي والدرهم الاماراتي ، عجزت عن حل مشكلتهم لانها كانت مشغولة ببناء الانفاق بدلا من بناء بيوت لهؤلاء ، فالانفاق أهم لأنها حولت الكثير من ابناء واصدقاء الحركة الربانية الى مليونيرات في فترة قصيرة جدا.

الحركة الربانية وعندما تصدت لحل الموضوع حاولت معالجته من زاوية اعتبار سكنهم هناك اعتداء على ارض الأوقاف، وحرمتهم من المساعدات القليلة التي خصصت للفقراء ومن تعرضت بيوتهم للتضرر من العدوان الاسرائيلي. اي سياسة واي فتوى دينية هذه التي تُعلي من شأن الارض حتى لو كانت وقفا على حساب الانسان وكرامته؟!!!.

اي مستقبل ينتظر هؤلاء، وهم كمن يختار بين موت بطيء وآخر سريع، اي مستقبل ينتظر هؤلاء حين يصمت العالم اجمع امام معاناتهم ولا يسمع اناتهم ولا يرى احوالهم البائسة، انا شخصيا لن أتفاجأ ان أصبحوا أجسادا مفخخة لمصلحة داعش او غيرها.

كل ما لدينا من تحليل وتشخيص لا يصل الى التفكير العميق في عقول ونفسيات ودوافع الساعين للذهاب الى الحور العين باذلين ارواحهم ودمائنا مهرا لهن.

كم روحا ازهقت وعائلة تشردت وبلدا تدمرت وصراع قد زرع، لا اعتقد ان لدى اي بلد عربي مناعة واجراءات وقائية كفيلة بمنع انحداره الى الدرك الأسفل من الفوضى والفلتان والفتنة ، اللهم الا المثقف الحقيقي ورجل الدين الحقيقي.

يمكن انا غلطان ؟!؟!؟!  ولكنني اشعر اننا لسنا بعيدين عما يجري وان الاٍرهاب الذي يضرب حولنا باسم الدين وغيره قريب منا اكثر مما نعتقد، وواهم من يعتقد ان الاحتلال يشكل ضمانة ضد داعش او غيرها، وواهم من يعتقد ان هزيمة داعش في بلد ما لن تدفعه الى العمل في بلد آخر.

وعندي شعور ان كثير من السنة يعبدون الرسول محمد (ص) اكثر من الله عز وجل، وعندي شعور ان الذين صاروا يكرهون الشيعة بعد ان تقدم بهم العمر، بينهم وبين الدين بعد هائل ، وانهم يقدمون هذا العداء على ما سواه، وعندي شعور ان غياب الطليعة الحقيقية حول الجمهور الى قطيع لديه أحاسيس صادقة وغوغائية كامنة.

وما زلنا بشكل او بآخر ، كما قال محمود درويش: ندعو لاندلس ان حوصرت حلب ، وينقصنا ان نؤمن ان النيل لن يَصْب في الفولغا ولا الاردن في نهر الفرات وان لكل نهر منبع ومجرى وحياة.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024