الرئيسة/  عربية ودولية

وباء العنف المسلح في المدارس الأميركية.. أسئلة بين أولياء الأمور ونقاش في الكونغرس

نشر بتاريخ: 2018-02-16 الساعة: 19:04

باركلاند (فلوريدا) - رويترز- أ.ف.ب- مع تشييع الأسر المكلومة لضحايا حادث إطلاق نار جماعي آخر بالولايات المتحدة، امتزجت مشاعر الحزن بالغضب وسط مؤشرات على احتمال وجود قصور في أمن المدارس وعلى أن الجهات الأمنية ربما لم تتوقف عند دلائل تتعلق بخطط المسلح.

وعبرت أم بدا عليها الذهول عن عدم استيعابها لمسألة دخول مسلح إلى مدرسة وفتح النار بهذه البساطة وناشدت الرئيس دونالد ترامب التحرك. وقالت إنها قضت ساعتين في إعداد ترتيبات جنازة ابنها البالغ من العمر 14 عاما.

ووقع الحدث في مدرسة ماجوري ستونمان دوجلاس الثانوية في باركلاند حين اقتحمها يوم الأربعاء نيكولاس كروز (19 عاما) الذي كان طالبا بها قبل فصله لأسباب تتعلق بالانضباط، وفتح نيران بندقية كانت بحوزته وقتل 17 من الطلاب والمعلمين وأصاب 15 آخرين.

وأثار الأمر أسئلة بين أولياء الأمور المكلومين بشأن دقة إجراءات الأمن في المدرسة وجدد نقاشا محليا في الكونغرس وخارجه بشأن وباء العنف المسلح في المدارس الأميركية.

وصاحت لوري الهادف أمام الكاميرا في لقطات عرضتها شبكة "سي.إن.إن": "كيف نسمح لمسلح بدخول مدرسة أبنائنا؟ كيف يطبقون الأمن؟ أين هو الأمن؟"

وصرخت الأم التي كانت ابنتها أليسا ضمن القتلى "هذا المسلح، هذا الشخص المجنون، دخل المدرسة وحطم نافذة باب فصل ابنتي وبدأ يطلق النار.. يطلق النار عليها".

ووجهت 17 تهمة بالقتل مع سبق الإصرار لكروز الذي مثل أمام المحكمة الخميس.

وقال محاميته ميليسا مكنيل التي عينتها المحكمة للدفاع عنه للصحفيين "إنه إنسان محطم.. إنه حزين ومكتئب ونادم".

 

"سأكون راميا محترفا بالمدرسة"

ربما يكون كروز ألقى خيطا ينم عن نيته تنفيذ الهجوم، وذلك في تعليق على موقع يوتيوب حقق فيه مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي). وكشف المكتب أنه تلقى بلاغا في أيلول عن رسالة تقول "سأكون راميا محترفا بالمدرسة" لمستخدم اسمه نيكولاس كروز.

لكن روبرت لاسكي الضابط المسؤول عن مكتب (إف.بي.آي) في جاكسونفيل قال إن ضباط المكتب ليس لديهم معلومات تشير إلى "توقيت أو موقع أو الهوية الحقيقية" للشخص الذي نشر الرسالة.

وحذف موقع يوتيوب المادة المشار إليها في النهاية وأغلق المكتب التحقيق إلى أن ظهر اسم نيكولاس كروز مرة أخرى فيما يتصل بمذبحة الأربعاء بمدرسة مارجوري ستونمان دوجلاس الثانوية.

وقال زملاء كروز السابقون بالدراسة إنه كان منبوذا ومعروفا بإثارة المشاكل و"الهوس بالأسلحة". وقال قائد شرطة المنطقة إن بعض أنشطة كروز على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كانت "مقلقة جدا جدا".

ويمثل هجوم الأربعاء ثاني أكبر حادث إطلاق رصاص في مدرسة حكومية أميركية من حيث عدد القتلى بعد مذبحة وقعت عام 2012 حين قتل 20 تلميذا وستة معلمين في مدرسة ساندي هوك للتعليم الأساسي في كونيتيكت.

وقال ترامب في كلمة ألقاها من البيت الأبيض شدد فيها على أهمية الأمن والصحة العقلية في المدارس وتجنب أي إشارة للسياسة المتعلقة بالأسلحة "لا يكفي أن نتخذ خطوات تجعلنا نشعر أننا نحدث فرقا. بل لا بد أن نحدث ذلك الفرق فعلا".

وانتقد ديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي الزعامة الجمهورية الأربعاء لرفضها تأييد تشريع يقتضي فحص خلفية الراغبين في شراء الأسلحة بعناية.

وقال بعض داعمي الحد من الأسلحة وخبراء قانونيون إن حادث الأربعاء ربما أمكن تجنبه لو أن فلوريدا كانت ضمن الولايات الأميركية التي تطبق قوانين تسمح للشرطة وأفراد الأسر باستصدار أوامر تمنع من يرتابون فيهم من حيازة السلاح.

 

اعتراف بتنفيذ الهجوم

وتم توجيه 17 تهمة بالقتل العمد لكروز الذي مثل الخميس أمام قاض عن طريق الاتصال بالفيديو، أمر باحتجازه دون إمكانية اخراجه بكفالة أو غيرها.

وذكرت وثائق المحكمة أنه بعدما تم إعلامه بحقوقه القانونية "أعلن كروز أنه هو المسلح الذي دخل حرم المدرسة وبحوزته بندقية ايه آر15 حيث بدأ بإطلاق النار على الطلبة الذين رآهم في الممرات وفي انحاء المدرسة".

وأفادت السلطات أن كروز وصل إلى المدرسة على متن سيارة اجرة "أوبر" في تمام الساعة 14,19. وبعد أقل من ثلاث دقائق، بدأ بإطلاق النار على عدة صفوف دراسية. وحسب الوثائق الرسمية غادر حرم المكان في الساعة 14,28.

وأبلغ كروز الشرطة بأنه ترك بندقيته التي اشتراها بشكل قانوني من فلوريدا وغيرها من المعدات التكتيكية التي كانت بحوزته ليتمكن من الفرار وسط الحشود، حسب الوثائق.

وقال قائد شرطة مقاطعة بروارد بفلوريدا سكوت اسرائيل للصحفيين إن كروز توقف بعد الهجوم عند متجر "وول مارت" ومن ثم مطعم "ماكدونالدز". واعتقل بعد 40 دقيقة حيث تعرفت الشرطة عليه باستخدام التسجيلات على كاميرا المراقبة في المدرسة.

وفي خطاب متلفز للتعليق على عملية إطلاق النار الـ18 التي تقع في مدرسة هذا العام، تعهد ترامب بالاهتمام بمن يعانون من امراض عقلية بعدما نشر عدة تغريدات تحدث فيها عن "الإشارات العديدة" التي أظهرت أن المهاجم "مختل عقليا". لكن ترامب تجنب التطرق إلى مسألة وضع قيود على انتشار الأسلحة النارية في بلاده.

وفي وقت سابق، قال ترامب "كان جيرانه ورفاقه في المدرسة يعلمون انه يطرح مشكلة كبيرة. يجب دائما ابلاغ السلطات بهذه الامور!".

وعرف عن كروز الذي طرد من المدرسة لأسباب تأديبية بأنه كان مهووسا بالأسلحة النارية فيما ذكرت معلومات نشرتها وسائل اعلام أنه سبق ان تم التعريف عنه على أنه يشكل تهديدا محتملا لزملائه.

 

شيء ما لم يكن على ما يرام"

وتظهر صورة لكروز شابا يبدو عاديا جدا شعره كستنائي اللون قص بشكل مرتب وعيناه عسيليتان ووجه عليه نمش.

لكن المعلومات التي وردت منذ الاعتداء تحمل مؤشرات خطيرة كان يجب أن تشكل إنذارا.

وقال مانولو الفاريز (17 عاما) لوكالة فرانس برس "التقيته العام الماضي. كان في صفي ببداية العام عندما التقيته أول مرة وعرفت أن شيئا ما لم يكن على ما يرام وأنه كان غريب الأطوار".

وعرف زملاؤه أنه نشر رسائل تحتوي عنفا عبر الانترنت. والخميس، ذكرت رابطة مكافحة التشهير أنه كان عضوا في مجموعة تؤمن بنظرية تفوق العرق الأبيض وشارك في تدريبات شبه عسكرية.

 

"نخذل أطفالنا"

وأثارت عملية إطلاق النار الأخيرة الاسئلة مجددا بشأن قوانين حمل السلاح في الولايات المتحدة، يعارض ترامب - اول رئيس اميركي يلقي خطابا امام مجموعة ضغط الاتحاد القومي الأميركي للأسلحة النافذة --فرض أي قيود إضافية على امتلاك السلاح.

وسعى معارضو وضع القيود على الأسلحة إلى تحويل مسار النقاش إلى الدوافع والصحة العقلية لمستخدميها.

لكن الكثير من الأشخاص فقدوا الأمل بشأن إمكانية تحقيق إصلاحات حقيقية في الكونغرس الذي يشهد انقسامات عميقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

ومنذ كانون الثاني 2013، وقعت 291 حادثة إطلاق نار في المدارس في انحاء البلاد، أي بمعدل عملية كل اسبوع، وفقا لمجموعة "ايفري تاون فور غن سايفتي" غير الربحية.

وقالت المدرسة ميليسا فالكوسكي التي أدخلت 19 طالبا وطالبة في خزانة بالمدرسة لحمايتهم "من الواضح أننا نخذل أطفالنا".

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024