الرئيسة

ترامب منح نتنياهو إنتصارا في صراعه لتحطيم القومية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 2017-12-09 الساعة: 17:37

الناصرة- وكالات- كتب الوف بن، في "هآرتس"، إن المنتقدين لبنيامين نتنياهو يميلون إلى الادعاء أنه "ليس لديه أي استراتيجية أو سياسة، بإستثناء البقاء على كرسيه مدى الحياة". لكنهم مخطئون. فلدى رئيس الوزراء هدف واضح، يسعى لتحقيقه منذ سنوات عديدة: سحق الحركة الوطنية الفلسطينية. فنتنياهو يرى فيها العدو غير المساوم للصهيونية، والعلاقات بين الحركتين القوميتين هي لعبة نتيجتها صفر. عندما تربح هذه، تخسر تلك.
يوم أمس، سجل نتنياهو انتصارا هاما في صراعه ضد الفلسطينيين، مع إعلان الرئيس دونالد ترامب عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبداية الاستعدادات لنقل السفارة الأمريكية من شارع يركون في تل أبيب إلى المدينة المقدسة. ولم يعط ترامب شيئا للفلسطينيين في المقابل، بل أضعف الالتزام الأمريكي بإقامة دولة فلسطينية في المستقبل. وبدا خطابه وكأنه كتب بيد نتنياهو وسفيره في واشنطن رون دريمر، ومن الواضح انه تم تنسيقه معهما بعناية.
نتنياهو هو رجل أفكار ورموز، أكثر بكثير من كونه رجل قرارات وإجراءات. بالنسبة له، أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل أهم بكثير من إنشاء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات. انه يهيمن منذ سنوات، على أجندة إسرائيل العامة بواسطة شعارات جذابة، والتي تستخدم بعد ذلك كأساس للنقاش الإعلامي ("اليساريون نسوا ماذا يعني ان يكونوا يهود"، "صخرة وجودنا"، "انهم يخافون"، "السمين والهزيل" ، الحياة نفسها"، "العرب يتحركون بحشودهم إلى صناديق الاقتراع "،" لن يكون شيء لأنه لا يوجد شيء"). وحتى خصوم نتنياهو المزعومين الذين يطالبون بكرسيه، يكررون مواقفه دون تردد، ويسيرون على المسار الأيديولوجي الذي حدده لهم.
رجل التسويق والشعارات، دونالد ترامب يناسبه تماما كالطابع، وهو مثل نتنياهو، يزهر ويصبح خلاقا عندما يتعرض لهجوم من قبل وسائل الإعلام والجمهور. هذه المرة، أنقذ ترامب صديقه الإسرائيلي من ضائقة كبيرة: لقد تسببت المعركة الخرقاء ضد الشرطة ("قانون التوصيات") بخسارة لنتنياهو في استطلاعات الرأي، وأثارت الشكوك ضد عامله السياسي دافيد بيتان، ولأول مرة، تلميحات الى التمرد ضد رئيس الوزراء في الليكود. ثم جاءت العناوين عن اليوم التاريخي وخطاب ترامب، وعاد المشبوه بالفساد إلى مكانة رجل الدولة والاستراتيجي الذي يتغنى بالتاريخ اليهودي، والتوراة والمحرقة.
يدرك نتنياهو جيدا، لعبة القوى الدولية، ويرى أن أمريكا تضعف مشاركتها في الشرق الأوسط، وتعيد تركيز جهودها الدبلوماسية والعسكرية في آسيا، كما حدث في الخمسينيات والستينيات. ويمكن تفسير هذه العملية في انخفاض أسعار النفط والحروب الفاشلة في العقد الماضي في أفغانستان والعراق، والتي لم تحقق الاستقرار والهدوء للمنطقة، وانما الفوضى الدموية. لقد سئم الرأي العام الأمريكي، فقام الرئيسان الأخيران - براك أوباما وترامب - بطي العلم الأمريكي من المنطقة تدريجيا.
لقد قاما بتسليم سورية إلى الروس وإيران، على حساب حليفين سابقين للولايات المتحدة، تركيا وإسرائيل، اللذين استفادا في السنوات الأخيرة، من انهيار الجيش السوري وتقويض نظام الأسد، ويجب عليهما الآن التعامل مع سلاح فلاديمير بوتين الجوي والميليشيات الشيعية التابعة لطهران. لقد حصلت اسرائيل على تعويض مزدوج: الإعلان الرئاسي عن القدس العاصمة، والوعد بأن الضفة الغربية ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية في المستقبل المنظور، طالما كانت إسرائيل تتجنب مثل هذه الخطوات الصارخة، كضم الأراضي أو الإضرار بالمساجد الإسلامية في الحرم القدسي. اما تركيا فلم تحصل على شيء، وهذا يفسر ردها الغاضب على خطاب ترامب.
يعرف نتنياهو أن وجود إسرائيل وأمنها يعتمدان على دعم الولايات المتحدة، وبالتالي يخشى التراجع الأمريكي، ولكنه يعرف أيضا، أن إسرائيل لا تستطيع تأخير أو وقف العملية، وبالتالي يحاول إيجاد فرص لتحسين وضع إسرائيل في الصراع الذي لا هوادة فيه مع الحركة الوطنية الفلسطينية. وكان خطاب ترامب فرصة سانحة لذلك.

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024